فصل: الشَّرْطُ الْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ الْمُسْلَمُ فِيهِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الشَّرْطُ الثَّانِي: السَّلَامَةُ مِنَ السَّلَفِ:

بِزِيَادَةٍ لنَهْيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّا جَرَّ نَفْعًا مِنَ السَّلَفِ.
قَاعِدَة:
شَرَعَ اللَّهُ تَعَالَى السَّلَفَ لِلْمَعْرُوفِ وَالْإِحْسَانِ وَلِذَلِكَ اسْتَثْنَاهُ مِنَ الرِّبَا الْمُحَرَّمِ فَيَجُوزُ دَفْعُ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ فِيهِ لِيَأْخُذَ مِثْلَهُ نَسِيئَةً وَهُوَ مُحَرَّمٌ فِي غَيْرِ الْقَرْضِ لَكِنْ رَجَحَتْ مَصْلَحَةُ الْإِحْسَانِ عَلَى مَصْلَحَةِ الرِّبَا فَقَدَّمَهَا الشَّرْعُ عَلَيْهَا عَلَى عَادَتِهِ فِي تَقْدِيمِ أَعْظَمِ الْمَصْلَحَتَيْنِ عَلَى أَدْنَاهُمَا عِنْدَ التَّعَارُضِ فَإِذَا وَقَعَ الْقَرْضُ لِيَجُرَّ نَفْعًا لِلْمُقْرِضِ بطلت مصلحَة الْإِحْسَان بالمكايسة فَيبقى الرِّبَا سَالِمًا عَنِ الْمُعَارِضِ فِيمَا يَحْرُمُ فِيهِ الرِّبَا فَيَحْرُمُ لِلرِّبَا وَلِكَوْنِهِمَا خَالَفَا مَقْصُودَ الشَّرْعِ وواقعا مَا لِلَّهِ لِغَيْرِ اللَّهِ وَيَحْرُمُ ذَلِكَ فِيمَا لَا رِبًا فِيهِ كَالْعُرُوضِ لِلْمَعْنَى الثَّانِي دُونَ الأول فلهذه الْقَاعِد يُشْتَرَطُ اخْتِلَافُ جِنْسِ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ لِأَنَّ السَّلَفَ لَا يَتَحَقَّقُ فِي الْمُخْتَلِفَيْنِ فَتَتَعَذَّرُ التُّهْمَةُ تَمْهِيدٌ: قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ: أَصْلُ مَالِكٍ: حَمْلُ النَّاسِ على التُّهْمَة ومراعاة مَا يرجع إِلَيْهِم مَا يَخْرُجُ مِنْهُمْ دُونَ أَمْوَالِهِمْ فَالْمُسْلَمُ فِيهِ إِنْ خَالَفَ الثَّمَنَ جِنْسًا أَوْ مَنْفَعَةً جَازَ لِبُعْدِ التُّهْمَةِ أَوِ اتَّفَقَا امْتَنَعَ إِلَّا أَنْ يُسْلِمَ الشَّيْءَ فِي مِثْلِهِ فَيَكُونَ قَرْضًا مَحْضًا وَلَا يضرنا لفظ السّلم كَمَا أَنه لَا ينْتَفع مَعَ التُّهْمَةِ وَإِنْ كَانَتِ الْمَنْفَعَةُ لِلدَّافِعِ امْتَنَعَ اتِّفَاقًا وَكَذَلِكَ إِنْ دَارَتْ بَيْنَ الِاحْتِمَالَيْنِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ مَقْصُودِ الشَّرْعِ فَإِنْ تَمَحَّضَتْ لِلْقَابِضِ الْجَوَازُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَالْمَنْعُ لِصُورَةِ الْمُبَايَعَةِ وَلِلْمُسْلِفِ رَدُّ الْعَيْنِ وَهَاهُنَا اشْتَرَطَ الدَّافِعُ رَدَّ الْمِثْلِ دُونَ الْعين فَهُوَ عرض لَهُ وَإِنِ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ دُونَ الْمَنْفَعَةِ فَقَوْلَانِ: الْجَوَازُ لِلِاخْتِلَافِ وَالْمَنْعُ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْأَعْيَانِ مَنَافِعُهَا فَهُوَ كَاتِّحَادِ الْجِنْسِ وَإِنِ اخْتَلَفَتِ الْمَنْفَعَةُ دُونَ الْجِنْسِ جَازَ لِتَحَقُّقِ الْمُبَايَعَةِ تَمْهِيدٌ: قَالَ: الْعُرُوضُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: مَا اتَّفَقَ عَلَى تَبَايُنِهَا وَمَا اتَّفَقَ عَلَى اتِّحَادِهَا وَمُخْتَلَفٌ فِيهَا فَالْحَيَوَانُ نَاطِقٌ وَغير نَاطِق وَغير نَاطِق غيرمأكول كالبغال فيختلف بالصغير وَالْكثير اتِّفَاقًا وَالْمَأْكُولُ: ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مَا لَهُ قُوَّةٌ عَلَى الْحَمْلِ وَالْعَمَلِ كَالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ فَيَخْتَلِفُ فِيهَا اتفاقاُ وَمَا لَا قُوَّةَ لَهُ عَلَيْهِمَا كَالطَّيْرِ الْمُتَّخذ للْأَكْل فَلَا يخْتَلف بهما اتِّفَاقًا لِأَنَّ مَقْصُودَ الْجَمِيعِ اللَّحْمُ الثَّالِثُ: مَا لَا يَعْمَلُ وَلَا يَحْمِلُ لَكِنَّ مَنْفَعَتَهُ اللَّبَنُ وَالنَّسْلُ كَالْغَنَمِ فَقَوْلَانِ وَلَا يَخْتَلِفُ فِي الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَة شَيْء من الْحَيَوَان الْغَيْر نَاطِق إِلَّا أَنْ يَخْتَلِفَ بِهِمَا الْمَنَافِعُ وَمَنْ أَسْلَمَ صَغِيرًا فِي كَبِيرٍ لِأَمَدٍ يَكْبُرُ فِيهِ الصَّغِيرُ امْتَنَعَ لِلْمُزَابَنَةِ وَإِلَّا جَازَ أَوْ كَبِيرًا فِي صَغِير لأمد ملك فِيهِ الْكَبِيرُ الصَّغِيرَ امْتَنَعَ لِلْمُزَابَنَةِ وَهِيَ بَيْعُ الْمَعْلُومِ بِالْمَجْهُولِ مِنْ جِنْسِهِ وَإِلَّا جَازَ وَهَذَا مَأْمُون فِي الْبِغَالِ قَالَ سَنَدٌ: اخْتُلِفَ فِي الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ هَلْ هُمَا جِنْسَانِ فِي جُمْلَةِ الْحَيَوَانِ أَمْ لَا؟ قَالَ الْبَاجِيُّ: وَالْأَوَّلُ الْقِيَاسُ لِاخْتِلَافِ الْمَنْفَعَةِ وَإِذا فَرغْنَا عَلَيْهِ وَأَسْلَمَ صَغِيرًا فِي كَبِيرٍ وَتَرَاخَى الْأَمْرُ حَتَّى كَبِرَ الصَّغِيرُ وَصَارَ صِفَةَ الْكَبِيرِ فَالْقِيَاسُ أَلَّا يَدْفَعَهُ مَكَانَ الْكَبِيرِ سَدًّا لِبَابِ الْمُزَابَنَةِ وَالْقِيَاس أَيْضا: الدّفع بِصِحَّة العقد أَولا واقتضاءه لِذَلِكَ كَمَنْ وَطِئَ جَارِيَةً ثُمَّ رَدَّهَا بِالْعَيْبِ فَإِنَّ وَطْأَهُ حَلَالٌ فَلَا يَمْتَنِعُ رَدُّهَا.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: يَمْتَنِعُ سَلَمُ حَدِيدٍ يُخْرِجُ مِنْهُ السُّيُوفَ فِي سُيُوفٍ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ أَقَلَّ فَهُوَ سلف بِزِيَادَة أَو أَكثر اسْتَأْجَرَهُ بِالزَّائِدِ عَلَى عَمَلِ السُّيُوفِ فَهُوَ سَلَفٌ وَإِجَارَةٌ وَكَذَلِكَ سُيُوفُ يَخْرُجُ مِنْهَا حَدِيدٌ لِاتِّحَادِ النَّوْعِ وَيَمْتَنِعُ حَدِيدُ السُّيُوفِ فِي الْحَدِيدِ الَّذِي لَا يَخْرُجُ مِنْهُ سُيُوفٌ وَالثَّانِي: الْغَلِيظُ فِي الرَّقِيقِ لِاتِّحَادِ النَّوْعِ فَيُتَوَقَّعُ السَّلَفُ لِلنَّفْعِ وَيَمْتَنِعُ الْكَتَّانُ فِي ثَوْبِ الْكَتَّانِ بِخِلَافِ ثَوْبِ كَتَّانٍ فِي كَتَّانٍ لِأَنَّ الثَّوْبَ لَا يُخْرَجُ مِنْهُ كَتَّانٌ فَانْحَسَمَتْ مَادَّةُ السَّلَفِ وَيَمْتَنِعُ سَيْفٌ فِي سَيْفَيْنِ دُونَهُ لِتَقَارُبِ الْمَنَافِعِ إِلَّا أَنْ يَبْعُدَ مَا بَيْنَهُمَا فِي الْجَوْهَرِ قَالَ سَنَدٌ: أَجَازَ يَحْيَى سُيُوفًا فِي حَدِيدٍ كَالثَّوْبِ فِي الْكَتَّانِ وَالْفَرْقُ: أَنَّ صَنْعَةَ السُّيُوفِ قَرِيبَةٌ يَقْرُبُ رَدُّهَا حَدِيدًا لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي أَدْنَى السُّيُوفِ بَلْ رُبَّمَا تُقْطَعُ وَتُبَاعُ بِالْوَزْنِ كَالْحَدِيدِ فَكَأَنَّهُ أَخَذَهَا بِشَرْطِ إِنْ نَقَصَتْ زَادَ قَالَ التُّونُسِيُّ: وَلَعَلَّ مُرَادُهُ بِالْكَتَّانِ: الْغَلِيظِ الَّذِي مِنْهُ الرَّقِيقُ وَإِلَّا فَيَجُوزُ لِاخْتِلَافِ النَّوْعِ إِذَا لَمْ يَصْلُحُ مِنْ أَحَدِهِمَا مَا يَصْلُحُ مِنَ الْآخَرِ وَكَذَلِكَ الْكَتَّانُ إِنَّمَا امْتَنَعَ إِذَا كَانَ الْأَجَلُ يَتَأَتَّى فِيهِ ثَوْبٌ وَإِلَّا فَيَجُوزُ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ ذَلِكَ الثَّوْبُ لَا يُخْرَجُ مِنْهُ ذَلِكَ الْكَتَّانُ وَمَنَعَ مُحَمَّد الْكَتَّان المغزول فِي المنقوش وَبِالْعَكْسِ لِيَسَارَةِ صَنْعَةِ الْغَزْلِ وَالتَّمَكُّنِ مِنْ نَقْضِهِ قَالَ: وَالصَّوَابُ: الْجَوَازُ وَإِن سهل ذَلِك فِي الصُّوف والقطن فيُنقش وَيُنْدَفُ وَمَنَعَ سَحْنُونٌ السَّيْفَ الْعَالِي فِي الدَّنِيءِ لِاتِّحَادِ جِنْسِ الْحَدِيدِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مُحَمَّدٌ: إِذَا صَنَعَ مِنَ الْحَدِيدِ سَكَاكِينَ وَسُيُوفًا وَأَغْمِدَةً صَارَتْ أَجْنَاسًا لِاخْتِلَافِ الْمَنَافِعِ تَمْهِيدٌ: قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ: مَهْمَا قَدُمَ الْمَصْنُوعُ فِي غَيْرِ الْمَصْنُوعِ إِلَى أَجَلٍ يَخْرُجُ مِنْهُ الْمَصْنُوعُ امْتَنَعَ وَإِلَّا جَاءَ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: تَمْتَنِعُ ثِيَابُ الْقُطْنِ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ إِلَّا غَلِيظَ الْمَلَاحِفِ فِي الثِّيَابِ الرَّقِيقَةِ وَكَذَلِكَ غَلِيظُ ثِيَابِ الْكَتَّانِ فِي رَقِيقِهَا إِذا عظم ذَلِك وَاخْتلف الْمَنَافِعُ قَالَ سَنَدٌ: ظَاهِرُ الْكِتَابِ أَنَّ اخْتِلَافَ لَا يفْسخ كَعَمَائِمِ الْقُطْنِ فِي الْمَلَاحِفِ إِذَا تُقَارِبَ الْغِلَظَ لِأَنَّ الْمِلْحَفَةَ قَدْ تُقْطَعُ عَمَائِمَ وَقِيلَ يَجُوزُ لِاخْتِلَافِ الْمَنْفَعَةِ وَتَمْتَنِعُ فُسْطَاطِيَّةٌ مُعَجَّلَةٌ وَمَرْوِيَّةٌ أَوْ مُؤَجَّلَةٌ فِي فُسْطَاطِيَّتَيْنِ مُؤَجَّلَتَيْنِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ فَإِن كَانَت فسطاطية فِي فسطاطيتن إِحْدَاهُمَا نَقْدٌ وَالْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ بِالْمَنْعِ وَالْكَرَاهَةِ وَأَجَازَهُ مُحَمَّدٌ لِصِفَةٍ فِي الْقَرْضِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا أَسْلَمَ ثَوْبًا فِي ثَوْبٍ وَكَانَ الْفَضْلُ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ أَوْ ضَمَانٌ بِجُعْلٍ أَوْ مِنَ الْجَانِبَيْنِ جَازَ بِأَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَجْوَدَ وَالْآخَرُ أَطْوَلَ لِأَنَّهُمَا مُتَغَيِّرَانِ وَيَجُوزُ جَيِّدٌ فِي رَدِيئَيْنِ وَنِصْفُ جَيِّدٍ فِي كَامِلٍ رَدِيءٍ فَإِنِ اسْتَوَتِ الْمَنْفَعَةُ وَاخْتَلَفَتِ الْأُصُولُ كَرَقِيقِ الْكَتَّانِ وَرَقِيقِ الْقُطْنِ: أَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ نَظَرًا لِأُصُولِهِمَا وَمَنَعَهُ أَشهب نظرا للمنفعة.
فِي الْكِتَابِ: الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ وَالْحَمِيرُ يُسْلَمُ أَحَدُهَا فِي الْجِنْسِ الْآخَرِ لِلِاخْتِلَافِ وَيُكْرَهُ سَلَمُ الْحمير فِي البغال لتقاربهما قرب حمَار يُسَاوِي أَكثر من بغل وَيحمل كثر مِنْهُ كَالْحَمِيرِ الْمِصْرِيَّةِ الفُره فِي حُمر الْأَعْرَابِ لِضَعْفِهَا وَبُعْدِهَا عَنْ ظُهُورِ الْبِغَالِ وَتُسْلَمُ فِيهَا الْحِمَارَةُ الْفَارِهَةُ وَكَذَلِكَ الْبِغَالُ فِي الْحَمِيرِ وَيُسْلَمُ كِبَارُ الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ فِي صِغَارِهَا وَلَا يُسْلَمُ كِبَارُهَا فِي كِبَارِهَا إِلَّا النَّجِيبَ فِي غَيْرِهِ مِنَ الدُّونِ وَإِنْ كَانَ فِي سِنِّهِ وَلَا تُسْلَمُ صِغَارُ الْغَنَمِ فِي كِبَارِهَا وَلَا مَعْزُهَا فِي ضَأْنِهَا وَلَا ضَأْنُهَا فِي مَعْزِهَا لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْجَمِيعِ اللَّحْمُ لَا الْحَمُولَةُ إِلَّا شَاةً غَزِيرَةَ اللَّبَنِ تُسْلَمُ فِي حَوَاشِي الْغَنَمِ وَمَتَى اخْتلف الْمَنَافِعُ فِي الْحَيَوَانِ أُسْلِمَ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ اتَّفَقَتِ الْأَسْنَانُ أَمْ لَا قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: وَعَنْ مَالِكٍ: لَا يُسْلَمُ الْكَبِيرُ فِي الصَّغِيرِ وَلَا جَيِّدٌ فِي رَدِيءٍ حَتَّى يَخْتَلِفَ الْعَدَدُ وَرَأَى فِي الْكِتَابِ: أَنَّ الصَّغِيرَ يُخَالِفُ الْكَبِيرَ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ إِلَّا بَنِي آدَمَ لِأَنَّ الْمُرَادَ اللَّحْمُ وَاللَّبَنُ فَلَا يُرِيدُ إِلَّا غَرَرَهُمَا وَمَقْصُودُ بَنِي آدَمَ الْخِدْمَةُ حَتَّى يَحْصُلَ التَّفَاوُتُ بِتِجَارَةٍ أَوْ جَمَالٍ فَائِقٍ أَوْ غَيْرِهِمَا وَفِي كِتَابِ مُحَمَّد: امْتنَاع كَبِير فِي التَّفَاوُتُ بِتِجَارَةٍ أَوْ جَمَالٍ فَائِقٍ أَوْ غَيْرِهِمَا وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ: امْتِنَاعُ كَبِيرٍ فِي صَغِيرٍ لِأَنَّهُ ضَمَانٌ بِجُعْلٍ وَصَغِيرٍ فِي كَبِيرٍ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ وَإِجَازَةُ كَبِيرٍ فِي صَغِيرَيْنِ وَصَغِيرٍ فِي كَبِيرَيْنِ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْعَدَدِ مَقْصُودٌ وَعِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ: الْبِغَالُ وَالْحَمِيرُ صِنْفَانِ قَالَ فَضْلٌ: هَذَا لَيْسَ خِلَافًا بَلْ حُكْمُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى عَادَةِ بِلَادِهِ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ: لَا تَخْتَلِفُ الْحَمِيرُ بِالسَّيْرِ وَالْحَمْلِ عَلَى مَذْهَبِهِ فِي الْكِتَابِ: وَأَنْكَرَهُ فَضْلٌ وَقَالَ بِالِاخْتِلَافِ وَاعْتَبَرَ فِي الْكِتَابِ: قُوَّةَ الْبَقَرَةِ عَلَى الْحَرْثِ وَقَالَ ابْن حبيب: إِنَّمَا يُرَاعى لهَذَا فِي الذُّكُورِ لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ ذَلِكَ أَمَّا الْإِنَاثُ فَلَا.
فَرْعٌ:
قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: إِذَا أَسْلَمَ الشَّيْءَ فِي نَوْعِهِ لِلنَّفْعِ وَفَاتَ فَكَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ عَلَى الْقَابِضِ الْقِيمَةُ أَوِ الْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيَّاتِ فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ ذَلِكَ إِلَّا مِنْ قَوْلِ الْبَائِعِ إِنِّي قَصَدْتُ نَفْعَ نَفْسِي خُيِّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ تَصْدِيقِهِ وَيَفْعَلُ مَا تَقَدَّمَ وَبَيْنَ تَكْذِيبِهِ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي إِسْقَاطِ الْأَجَلِ وَأَخْذِ الْقِيمَةِ وَيَجُوزُ عَلَى مَذْهَبِ الْكِتَابِ: سَلَمُ الصَّغِيرِ فِي الْكَبِيرِ مِنَ الْإِبِلِ لِأَنَّهُمَا صِنْفَانِ وَجَعَلَ الْحَمِيرَ وَالْبِغَالَ هَاهُنَا صِنْفًا وَفِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ صِنْفَيْنِ وَمَنَعَ من قسمتهَا بالقرعى وَمَعَ مِنْ قِسْمَتِهَا بِالْقُرْعَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقِسْمَةِ رَفْعُ الْمُخَاطَرَةِ فَاحْتَاطَ بِجَعْلِهَا صِنْفَيْنِ وَفِي السَّلَمِ: جعلهَا صنفا احيتاطياً لمنع السّلف للنفع والمزابنة فَهُوَ أَحَق احْتِيَاطٌ فِي الْبَابَيْنِ.
فَرْعٌ:
قَالَ اللَّخْمِيُّ: يَجُوزُ عَدَدٌ كَثِيرٌ رَدِيءٌ بِجَيِّدٍ قَلِيلٍ فَيَكُونُ الْعَدَدُ قُبَالَةَ الْجَوْدَةِ وَيَجُوزُ الْفَرَسُ الْجَمِيلُ فِي السَّرِيعِ لِأَن تقَابل الصّفة مُبَالغَة فَإِنِ اسْتَوَيَا فِي السَّبْقِ وَأَحَدُهُمَا أَجْمَلُ أَوْ فِي الْجَمَالِ وَأَحَدُهُمَا أَسْبَقُ امْتَنَعَ لِأَنَّ الْفَضْلَ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ وَأَجَازَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ سَلَمَ الضَّأْنِ فِي الْمَاعِزِ وَرَآهُمَا صِنْفَيْنِ لِاخْتِلَافِ الرَّغَبَاتِ فِيهِمَا.
فَرْعٌ:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: الْحَوْلِيُّ مِنَ الْحَمِيرِ وَالْبِغَالِ صَغِيرٌ وَالرُّبَاعِيُّ كَبِير وَيجوز سلم أَحدهمَا فِي الْآخِرَة وَكَذَلِكَ حَوْلِيُّ الْخَيْلِ فِي جَذَعِهَا وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِم: مَنَعَ الْكَبِيرَ فِي الصَّغِيرِ لِأَنَّهُ ضَمَانٌ بِجُعْلٍ وَالصَّغِيرَ فِي الْكَبِيرِ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِنَفْعٍ فِي جُمْلَةِ الْحَيَوَانِ.
فَرْعٌ:
قَالَ: وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: لَيْسَ فِي جِنْسِ الطَّيْرِ مَا يُوجِبُ اخْتِلَافَهُ فتمتنع الدَّجَاجَة البيوضة فِي اثْنَيْنِ لَيْسَتَا مِثْلَهَا وَكَذَلِكَ الْإِوَزُّ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: وَالدِّيَكَةُ وَالدَّجَاجُ صِنْفٌ لِتَقَارُبِ الْمَقَاصِدِ وَجَوَّزَ أَصْبَغُ الْبَيُوضَةَ فِي دِيكَيْنِ.
فَرْعٌ:
قَالَ: وَمُجَرَّدُ الْفَصَاحَةِ لَا تُوجِبُ الِاخْتِلَافَ فِي الرَّقِيقِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَيْسَ الْغَزل وَعمل الطّيب اخْتِلَافا قَالَ التونس: لَعَلَّهُ يُرِيدُ الْعِلْمَ بِالطِّيبِ لَا عَمَلَهُ وَالْقِرَاءَةُ وَالْكِتَابَةُ وَالْحُسْنُ لَيْسَ اخْتِلَافًا فَيَمْتَنِعُ نُوبية تَبْلُغُ بِحُسْنِهَا أَلْفَ دِينَارٍ لَيْسَ لَهَا صَنْعَةٌ مِنْ طَبْخٍ أَوْ غَيْرِهِ وَتَمْنَعُ طَبَّاخَةً بِطَبَّاخَتَيْنِ لِتَقَارُبِ الطَّبْخ وَجعل الكتابه التحريرة اخْتِلَافًا وَكَذَلِكَ الْجَمِيلَةُ وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ وَالْأَوْلَى قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ مُقْتَضَى الْقِيَاسِ قَالَهُ مُحَمَّدٌ قَالَ: وَالصَّوَابُ قَوْلُ أَصْبَغَ لِاخْتِلَافِ الطَّبْخِ وَالْجَمَالِ اخْتِلَافًا شَدِيدًا وَهُمَا مِنْ أَهَمِّ مَقَاصِدِ النَّاسِ كَمَا أَنَّ أَهَمَّ الْمَقَاصِدِ مِنَ الْخَيْلِ الْجَرْيُ وَمِنَ الْإِبِلِ الْحَمُولَةُ.
فَرْعٌ:
قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ: إِذَا أَسْلَمَ فِي عَبْدٍ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ وَعَرْضًا فَلم يَأْتِ بِهِ فأقاله يرد ذهبه وعرضاً أَجْوَدَ أَوْ أَدْنَى مِنْ عَرْضِهِ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ فِي الذَّهَبِ وَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ مِثْلَ عَرْضِهِ أَوْ أَدْنَى لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ وَمَنَعَهُ أَصْبَغُ لِلتُّهْمَةِ فِي الْبَيْعِ.
فَرْعٌ:
قَالَ: يَجُوزُ لِمَنْ بَاعَ طَعَامًا بِثَمَنٍ إِلَى أَجَلٍ أَنْ يَأْخُذَ مِثْلَ ذَلِكَ الثَّمَنِ فِي سَلَمِ طَعَامٍ قَبْلَ حُلُولِ الْأَوَّلِ أَوْ قربه لَيْلًا يَرْجِعَ ثَمَنُهُ إِلَيْهِ وَيَكُونُ فَسْخُ الثَّمَنِ الَّذِي عَلَيْهِ فِي ثَمَنٍ إِلَى أَجَلٍ وَحَيْثُ يَجُوزُ يَمْتَنِعُ أَخْذُ رَهْنٍ بِالْأَوَّلِ وَالْآخِرِ لِأَنَّهُ غَرَرٌ إِذَا قَامَ الْغُرَمَاءُ لَا يَدْرِي مَا يَحْصُلُ لَهُ بِالرَّهْنِ فَهُوَ يَضَعُ عَنْهُ مَنْ ثَمَنِ السَّلَمِ لِأَمْرٍ لَا يَدْرِي هَلْ يَنْفَعُهُ أَمْ لَا فَإِن وَقع ذَلِك فسح السَّلَمُ وَكَانَ الرَّهْنُ رَهْنًا بِالْأَوَّلِ أَوْ مِنَ الطَّعَامِ الَّذِي ارْتَهَنَهُ بِهِ دُونَ الدَّيْنِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَقِيلَ: لَا يَكُونُ عَنْ شَيْءٍ لِبُطْلَانِهِ وَقِيلَ: يُقْسَمُ فَتَبْطُلُ حِصَّةُ الْأَوَّلِ: لِأَنَّهُ وَقَعَ بِغَيْرِ رَهْنٍ وَتَنْفُذُ حِصَّةُ الثَّانِي وَقِيلَ يَجُوزُ فِي الدَّيْنِ وَلَا أَثَرَ لِلْغَرَرِ لِأَنَّ الِارْتِهَانَ غَرَضٌ صَحِيحٌ هَاهُنَا.

.الشَّرْطُ الثَّالِثُ: السَّلَامَةُ مِنَ الضَّمَانِ:

بِجُعْلٍ فَفِي الْكِتَابِ: لَا يسلم الْخشب فِي الْخشب إِلَّا مَعَ الاختلافا فِي الْجَانِبَيْنِ كَالْحَيَوَانِ وَيَمْتَنِعُ جَذَعٌ فِي نِصْفِ جَذَعٍ مِنْ جِنْسِهِ لِأَنَّهُ ضَمَانُ نِصْفٍ بِنِصْفٍ وَكَذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ كَثَوْبٍ فِي ثَوْبٍ دُونَهُ وَرَأْسٍ فِي رَأْسٍ دُونَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: مَعْنَاهُ: مِنْ جِنْسِهِ وَمِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ يَجُوزُ لِلِاخْتِلَافِ وَمَنَعَ ابْنُ أَبِي زَمَنَيْنِ: جَذَعَ نَخْلٍ فِي نِصْفِ جَذَعِ صَنَوْبَرٍ وَغَيْرَ الصَّنَوْبَرِ يجوز عل رَأْيِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَفِي الْوَاضِحَةِ: الْخَشَبُ صِنْفٌ وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أُصُولُهُ إِلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ الْمَنَافِعُ لِلْأَلْوَاحِ وَالْأَبْوَابِ وَالْجَوَائِزِ لِلسُّقُوفِ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْخَشَبِ الْمَنَافِعُ لَا الْجِنْسُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ خَشَبًا لَا يَدْخُلُ فِيمَا يَدْخُلُ فِيهِ الْآخَرُ.
قَاعِدَة:
الْمَنَافِعُ وَالْأَعْيَانُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: مِنْهَا مَا اتُّفِقَ عَلَى صِحَّةِ قَبُولِهِ لِلْمُعَاوَضَةِ كَالدَّارِ وسُكناها وَمِنْهَا: مَا اتُّفِقَ عَلَى عَدَمِ قَبُولِهِ لَهَا كَالدَّمِ وَالْخِنْزِير وَالْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا مِنَ الْأَعْيَانِ وَالْقُبَلُ وَالْعِنَاقُ وَالنَّظَرُ إِلَى الْمَحَاسِنِ مِنَ الْمَنَافِعِ وَلِذَلِكَ لَا يُوجَبُ فِيهِ عِنْدَ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ مُتَقَوَّمًا لَأَوْجَبْنَا الْقِيمَةَ كَسَائِرِ الْمَنَافِعِ وَمِنْهَا: مَا اخْتُلِفَ فِيهِ كَالْأَزْبَالِ وَأَرْوَاثِ الْحَيَوَانِ مِنَ الْأَعْيَانِ وَالْأَذَانِ وَالْإِمَامَةِ مِنَ الْمَنَافِعِ فَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ إجَازَة وَمِنْهُم من مَنعه إِذا تقرر هَذِهِ الْقَاعِدَةُ فَالضَّمَانُ فِي الذِّمَمِ مِنْ قَبِيلِ مَا مَنَعَ الشَّرْعُ الْمُعَاوَضَةَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مَنْفَعَةً مَقْصُودَةً لِلْعُقَلَاءِ كَالْقُبَلِ وَأَنْوَاعِ الِاسْتِمْتَاعِ مَقْصُودٌ لِلْعُقَلَاءِ وَلَا تَصِحُّ الْمُعَاوَضَةُ عَلَيْهَا فَإِنَّ صِحَّةَ الْمُعَاوَضَةِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ يَتَوَقَّفُ عَلَى دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ وَلم يدل عَلَيْهِ فَوَجَبَ نَفْيُهُ أَوْ بِالدَّلِيلِ الثَّانِي وَهُوَ الْقِيَاسُ عَلَى تِلْكَ الصُّوَرِ لَا لِنَفْيِ الدَّلِيلِ الْمُثبت.

.الشَّرْط الرَّابِع: السَّلامَة من النسأ:

فِي الرِّبَوِيِّ فَفِي الْكِتَابِ: يَمْتَنِعُ سَلَمُ النَّقْدَيْنِ فِي تُرَاب الْمَعَادِن وَإِن كَانَ منضبطاً للنسأ فِي النَّقْدَيْنِ وَهُوَ مُحَرَّمٌ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الصَّرْفِ قَالَ سَنَدٌ: وَيُفْسَخُ فَإِنْ فَاتَ التُّرَابُ باستخراجه فللمبتاع وَعَلِيهِ قيمَة التُّرَاب قَالَه ابْنُ حَبِيبٍ وَيَنْبَغِي أَنْ تُؤْخَذَ الْقِيمَةُ مِنْ غَيْرِ الْعَيْنِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: يَمْتَنِعُ حِنْطَةٌ فِي شَعِيرٍ وَثَوْبٌ وَعَدَسٌ وَثَوْبٌ مُؤَجَّلٌ وَشَعِيرٌ مُعَجَّلٌ لِأَنَّ الْمَضْمُومَ إِلَى الطَّعَامِ كَالطَّعَامِ يَمْتَنِعُ تَأْخِيرُهُ لِدُخُولِ الطَّعَامِ فِي الْعَقْدِ كَمَنْ صَرَفَ ذَهَبا بِفِضَّة مَعهَا سلْعَة فتعجل النقدان تَأَخَّرت السعلة فَإِنَّهُ يمْتَنع وَقد يتَعَذَّر الْوَفَاء بالمؤجل فؤدي ذَلِكَ إِلَى النَّسِيئَةِ فِي الطَّعَامِ وَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا يَتَحَقَّقُ التَّنَاجُزُ قَالَ سَنَدٌ: يَتَخَرَّجُ لهَذَا عَلَى جَمْعِ الْعَقْدِ حَلَالًا وَحَرَامًا.
قَالَ اللَّخْمِيُّ: الْقِيَاسُ إِذَا تَأَخَّرَ الثَّوْبُ وَحْدَهُ: الْجَوَازُ لِحُصُولِ الْمُنَاجَزَةِ فِي النَّقْدَيْنِ.

.الشَّرْطُ الْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ الْمُسْلَمُ فِيهِ:

عَلَى ضَبْطِهِ بِالصِّفَةِ قَاعِدَةٌ مَقْصُودُ الشَّارِعِ ضَبْطُ الْأَمْوَالِ عَلَى الْعِبَادِ لِأَنَّهُ أَنَاطَ بِهَا مَصَالِحَ دُنْيَاهُمْ وَأُخْرَاهُمْ فَمَنَعَ لذَلِك من تَسْلِيم الْأَمْوَال للسفهاء وَنهى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن إِ ضاعة الْمَالِ وَعَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ وَالْمَجْهُولِ كَذَلِكَ فَيَجِبُ لِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرَى إِمَّا مَعْلُومًا بِالرُّؤْيَةِ - وَهُوَ الْأَصْلُ - أَوِ الصِّفَةِ وَهُوَ رُخْصَةٌ لِفَوَاتِ بَعْضِ الْمَقَاصِدِ لِعَدَمِ الرُّؤْيَةِ لَكِنَّ الْغَالِبَ حُصُولُ الْأَغْلَبِ فَلَا عِبْرَةَ بِالنَّادِرِ فَمَا لَا تَضْبُطُهُ الصِّفَةُ تَمْتَنِعُ الْمُعَاوَضَةُ عَلَيْهِ لِتَوَقُّعِ سُوءِ الْعَاقِبَةِ بِضَيَاعِ الْمَالِيَّةِ فِي غَيْرِ مُعْتَبَرٍ فِي تِلْكَ الْمَالِيَّةِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: يَمْتَنِعُ السَّلَمُ فِي تُرَابِ الْمَعَادِنِ لِأَنَّهُ مَجْهُولُ الصِّفَةِ وَفِي تُرَابِ الصَّوَّاغِينَ لِلْجَهْلِ بِمَا فِيهِ قَالَ سَنَدٌ: فَإِنْ لَمْ يَفْسَخْ تُرَابَ الصَّوَّاغِينَ حَتَّى صَفَّى رَدَّ البَائِع وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ بِخِلَافِ تُرَابِ الْمَعَادِنِ يَجُوزُ بَيْعُهُ إِذَا عَيَّنَ وَاخْتُلِفَ فِيهِ إِذَا لَمْ يُعَيَّنْ وَلِهَذَا يُمْنَعُ مُطْلَقًا وَقَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: لَهُ الْأُجْرَةُ فِي تُرَابِ الصَّوَّاغِينَ مَا لَمْ يُجَاوِزْ مَا وُجِدَ فِيهِ كَالتَّمْرِ يُبَاعُ قَبْلَ الصَّلَاحِ لِلتَّبْقِيَةِ فَيُبْقِيهِ ثُمَّ يَفْسَخُ فَيَرْجِعُ بِالْعِلَاجِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي قِيمَةِ الثَّمَرَةِ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ: قَال ابْنُ حَبِيب: إِذَا لَمْ يخرد لَهُ فِي تُرَابِ الصَّوَّاغِينَ شَيْءٌ فَلَهُ الْأُجْرَةُ قَالَ: وَالصَّوَابُ: عَدَمُ الْأُجْرَةِ إِذَا لَمْ يَخْرُجْ شَيْءٌ لِدُخُولِهِمَا عَلَى الْغَرَرِ وَيَرْجِعُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ فَإِنْ خَرَجَ شَيْءٌ خُير الْبَائِعُ بَيْنَ أَخْذِهِ وَدَفْعِ الْأُجْرَةِ وَجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ تَرْكِهِ وَدَفْعِ الثَّمَنِ وَقِيلَ: لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ قِيمَةٌ فَإِذَا أَفَاتَهُ بِالْعَمَلِ كَانَ الْخَارِجُ لَهُ وَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ عَلَى غَرَرِهِ وَقِيلَ: إِنِ ادَّعَى مُشْتَرِي الرَّمَادِ تَلَفَهُ قَبْلَ تَخْلِيصِهِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ نَظَائِرُ: قَالَ الْعَبْدِيُّ: يجوز السّلم إِلَّا فِي أَرْبَعَة: مَالا يُنْقَلُ كَالدُّورِ وَالْأَرَضِينَ وَمَجْهُولُ الصِّفَةِ كَتُرَابِ الْمَعَادِنِ والجزاف وَمَا يتَعَذَّر جوده وَمَا يمْتَنع بَيْعُهُ كَتُرَابِ الصَّوَّاغِينَ وَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ.
فَرْعٌ:
قَالَ الْمَازِرِيُّ: يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْيَاقُوتِ وَنَحْوِهِ وَمَنَعَهُ (ح) و (ش) لِتَعَذُّرِ ضَبْطِهِ بِالصِّفَةِ لِفَرْطِ التَّفَاوُتِ فِي الصَّفَاءِ وَالْجَوْدَةِ وَإِنْ ضَبَطَهُ تَعَذَّرَ الْوَفَاءُ بِهِ وَنَحْنُ نَمْنَعُ الْمَقَامَيْنِ بَلْ يُضْبَطُ بِشِدَّةِ الصَّفَاءِ وَقِلَّتِهِ وَتَوَسُّطِهِ وَكِبَرِ الْحَبَّةِ وَصِغَرِهَا وتوسطها وسلامتها من النمش وَيُشْتَرَطُ التَّدْوِيرُ وَالِاسْتِطَالَةُ وَالْوَزْنُ أَوِ الْمِقْدَارُ وَمَا هُوَ من أَعْرَاض أَرْبَاب الْجَوَاهِر وَكَذَلِكَ يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْمُرَكَّبَاتِ كَالتِّرْيَاقَاتِ وَالْإِيَارَجَاتِ وَالْغَوَالِي وَالْقِسِيِّ وَنَحْوِهَا وَمَنَعَهُ (ش) لِتَعَذُّرِ ضَبْطِهَا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ مُفْرَدَاتِهَا مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ فَضَبْطُ قِسْطِ الْمُرَكَّبِ مِنْ ذَلِكَ الْمُفْرَدِ صِفَةً وَمِقْدَارًا يَتَعَذَّرُ وَيَخْتَصُّ النِّشَابُ بِنَجَاسَةِ رِيشِ النَّسْرِ عِنْدَهُ وَالتِّرْيَاقُ بِنَجَاسَةِ لُحُومِ الْأَفَاعِي وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّ الْمَقْصُودَ فِي الْمُرَكَّبَاتِ مَقْصُودٌ عَادَةً وَلَا عِبْرَةَ بِمَا ذَكَرُوهُ وَعَنِ الثَّانِي: أَنَّ السِّبَاعَ وَالْحَيَّاتِ يَطْهُرَانِ عِنْدَنَا وَمَنَعَ (ح) فِي السَّفَرْجَلِ وَالْبِطِّيخِ وَنَحْوِهَا مِنَ الْمَعْدُودَاتِ لِتَفَاوُتِ أَفْرَادِهَا فِي الْكِيَالَةِ.